في السنوات الاخيرة، مرت صناعة الافلام بعدة تحديات وأزمات سياسية واقتصادية وتقنية وصحية، مما ساهم في خلق تغيرات هيكلية رئيسية على الاقتصادات المحلية الإبداعية ومنها صناعة السينما. حيث أن من المعلوم دور الكبير الذي تلعبه الأفلام في تحفيز الاقتصاد الإبداعي من خلال النظر إلى فوائد الحوافز المالية إلى جانب الفائدة التسويقية للمكان. ساهمت التطورات التكنولوجية والاتصالية العالمية في العقود الأخيرة في تغيير قواعد لعبة إنتاج الأفلام الطويلة من خلال تنافس العديد من الإستديوهات وشركات الإنتاج لإيجاد حوافز مالية ومميزات تساهم في تقليل تكليف الإنتاج خارج الحدود الوطنية. في كل عام، تتنافس شركات الإنتاج في إنتاج ما بين ٨٠٠ إلى ١٠٠٠ فيلم روائي طويل يتم تصويره في جميع أنحاء العالم بميزانية متوسطة تبلغ 64 مليون دولار لكل فيلم، حيث تساهم هذه الأفلام في فوائد اقتصادية كبيرة للمناطق المضيفة. لذلك، صناعة الأفلام لها أيضًا تأثير إيجابي في تسليط الضوء على مدينة او مكان جديد تمامًا كي تجذب السياح وتخلق الوظائف. بشكل عام، تنظر العديد من الدول إلى صناعة الافلام على أنها منتج اقتصادي إبداعي مهم في القرن الواحد والعشرين. نظرًا لتحولات العديد من دول العالم إلى الاقتصاد الإبداعي والمعرفي، لذلك ليس من المستغرب أن تسعى العديد من الدول والمدن الآن بنشاط مكثف إلى إنتاج الافلام، وعادة ما تكون مهمة جذب صانعي الأفلام إلى منطقة ما مسؤولية لجان الأفلام المؤسسات الابداعية الثقافية والمهرجانات السينمائية.
في بداية الألفية ومع زيادة التنافس في الانتاج المرئي سواء كان في التلفزيون او السينما، اتجه العديد من الدول والمناطق إلى تقديم الحوافز الانتاجية لجذب شركات الانتاج والمنتجين من خلال تقديم إغراءات سواء كان ذلك دفعًا نقديًا بسيطًا أو موقعًا مجانيًا. تحتدم المنافسة مع قيام دول مثل فرنسا وألمانيا والبرتغال والبرازيل وكولومبيا بتقديم إعفاءات ضريبية وحوافز مالية، أو عمالة أرخص. دفعت الحكومة البريطانية 415 مليون جنيه إسترليني (578.7 مليون دولار) للإعفاء الضريبي للأفلام في السنة المالية 2016-2017، بزيادة أكثر من 20٪ عن العام السابق، وفقًا لتقارير حكومية. حيث ساهمت هذه الحوافز في توفير العديد من الفرص الوظيفية والتي من شأنها تساهم في رفع مستوى الإنتاج المحلي، بحيث ساهم هذا الإنتاج في اشراك العديد من الشركات والمواهب المحلية والتي من شأنها تساهم في تطوير المنتج المحلي.
في الجانب الاخر، تساهم هذه الحوافز والإغراءات التي تقدمها الدول في تسويق المكان سواء من ناحية تحسين صورة مكان ما على أمل أن يشجع ذلك الشركات التجارية والمصانع على نقل مصانعهم ومكاتبهم إلى المنطقة، توفير فرص عمل للسكان المحليين، زيادة نطاق المرافق المتاحة للمجتمع المحلي، وزيادة جودة الحياة في المكان. ومع ذلك، فإن الدافع الرئيسي لتسويق الوجهة هو زيادة السياحة. تقريبا كل دولة أو منطقة لديها هيئة منفصلة مسؤولة عن تسويق وجهتها للسياح. على سبيل المثال، تستثمر منظمات مثل هيئة السياحة الأسترالية وهيئة السياحة البريطانية ملايين الدولارات للترويج السياحي والتسويق لواجهاتهم. حيث تساهم هذه الافلام المصورة في تسويق المكان على سبيل المثال تم إنتاج أفلام Lord of the Rings في نيوزيلندا، ووفقًا لمجلس السياحة النيوزيلندي، فقد أصبحت جزءًا ترويجيًا لصورة الدولة كوجهة. يجذب فيلم Lord of the Rings كلاً من اهتمام السياح والمكاسب المالية، حيث يجذب أكثر من 41 مليون دولار بناءً على افتراضات مختلفة فيما يتعلق بحضور الزوار والسياح لمواقع التصوير.
في المملكة العربية السعودية، أحد أهم الاستراتيجيات التي تعمل هيئة الأفلام السعودية في تطوير الصناعة في السعودية وجذب الانتاج العالمي هو تقديم حوافز ماليه تصل إلى 40٪. والذي سيساهم في الاستثمار في تدريب ودمج المواهب المحلية وتطوير البنية التحتية لصناعة الافلام. استضافت السعودية عدد من الافلام العالمية منها فيلم "قندهار" للمخرج ريك رومان ووه، وفيلم "محارب الصحراء – Desert Warrior" من إخراج المخرج البريطاني روبرت وايات التي تم تصويرها في العلا ونيوم، حيث ساهمت هذه الافلام في مشاركة وتدريب العديد من المواهب السعودية.
في الختام، ستساهم هذه الحوافز المالية التي تقدمها الحكومة السعودية إلى جذب العديد من الإنتاج العالمي الى الأراضي السعودية خصوصا بعد الأزمات الاقتصادية والصحية التي يشهدها العالم، كما انها ستساهم هذه الافلام في الترويج للسياحة السعودية وتأهيل العديد من المواهب المحلية.