تشهد المملكة العربية السعودية دعم مستمر غير مسبوق لقطاع الثقافة والإبداع. حيث تعمل وزارة الثقافة من خلال كافة هيئاتها للإهتمام بالمشهد الثقافي في المملكة على الصعيدين المحلي والدولي. وحيث تعمل هيئة الافلام على تطوير قطاع الأفلام وبيئة الإنتاج في السعودية، إضافة إلى تحفيز وتمكين صناع الأفلام السعوديين. ومن خلال هذا الحراك الثقافي الذي تعيشه المملكة من أحداث ثقافية وترفيهيه ورياضية، يظهر مهرجان أفلام السعودية والذي يعتبر أحد المنصات المهمة للإبداع والمبدعين السعوديين. هذه الطفرة الإبداعية والثقافية التي يعيشها صانع الفيلم السعودي من خلال صناديق الدعم والحوافز، الجوائز والمسابقات، الخدمات التي يقدمها عدد من المؤسسات الغير ربحية كجمعية السينما، مهرجان أفلام السعودية، مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، أفلام العلا، وغيرها من المؤسسات الغير ربحية التي جاءت لتساهم في هذا التحول الثقافي.
السؤال الذي دائما أفكر به، إلى متى ستستمر العجلة، هل هي فترة زمنية قصيرة وتتوقف هذه العجلة وهذا التوهج، ما هو دور هذه المؤسسات الغير ربحية في دفع العجلة واستمرارها لفترات أطول لنضمن استدامة القطاع الثقافي والإبداعي. لان نمو الثقافة وتطورها يعتمد على الدعم المنتظم وهذا الدعم يحتاج استمرار وتفعيل دور قطاعات أخرى كالقطاعات الغير ربحية والقطاع الخاص لضمان استمرارية عجلة الثقافة.
وجود المؤسسات الغير ربحية ضروري للقطاع الثقافي، خاصة في المملكة العربية السعودية وغيرها من الدول الخليجية، حيث كان الدور الأكبر والمستمر للحكومة في تمويل الفنون والثقافة. إلا أن هذا الدور يحتاج إلى دخول أطراف مختلفة لضمان استدامة القطاع حيث ستساهم هذه القطاعات في تحسين مستوى المعيشة ونوعية الحياة للمبدعين. سيؤدي المناخ الإبداعي المعزز إلى زيادة أداء المنظمات الغير ربحية.
هناك العديد من المنظمات غير الربحية تقدم الدعم والحوافز المالية لمشاريع أفلام. يستثمر البعض في الفيلم كشكل فني بغض النظر عن المحتوى، بعض هذه المؤسسات دعمها يكون مشروط بالتركيز على مواضيع محدودة تلائم تطلعات هذه المؤسسات مثل الدعم الذي يقدمه أفلام العلا والتي تشترط بأن تكون الأعمال المقدمة يتم تصويرها في العلا وتظهر صورة العلا.
عالميّاً، تستفيد المؤسسات الغير ربحية من هذا الدعم وذلك من العوائد المالية من هذه الأفلام، ويتجه البعض الاخر من هذه المؤسسات الغير ربحية للإستفادة من الإمتيازات التي تقدمها الحكومات في الإعفاءات الضريبية. هناك العديد من المؤسسات الغير ربحية التي توفر دعم لصانعي الأفلام مثل معهد صندانس المنظم لمهرجان صندانس للأفلام والذي يقدم برنامج صندانس لدعم الأفلام الوثائقية، الذي يساعد في تطوير أفلام وثائقية حول القضايا الاجتماعية، صندوق Paul Robeson هو نموذج لتمويل الأفلام الوثائقية. يتم تقديم منح تتراوح من 2000 دولار إلى 15000 دولار للأفلام التي تتناول القضايا الإجتماعية، ومجلس ولاية نيويورك للفنون، وصندوق منيسوتا لدعم الأفلام المستقلة وغيرها من المؤسسات والبرامج التي تساهم في تمويل مشروع وتطويرها.
في النهاية، وجود المؤسسات الغير ربحية ضروري للقطاع الثقافي والإبداعي في المملكة العربية السعودية والذي بدورها تساهم في خلق التحول من الدعم الحكومي الكامل للثقافة والإبداع إلى دخول القطاع الخاص والمتبرعين لهذا القطاع. في المملكة العربية السعودية ومن خلال تظاهر مهرجان أفلام السعودية الذي جاء منذ عام ٢٠٠٧ بهدف واضح وهو دعم الحراك السينمائي السعودي والذي نجني ثماره هذه الأيام من خلال مشاركة أكثر من ٦٩٨ مشروع، لم يكن ذلك إلا من خلال الدعم الذي يحظا به المهرجان من جمعية السينما، هيئة الأفلام ومركز الملك عبد العزيز الثقافي (إثراء) مؤسسات غير ربحية جاءت لتدفع بهذه العجلة للوصول إلى منصات عالمية قريبا.