عند النظر الى دور الاحداث الثقافية والإبداعية كفرصة للعديد من الدول والمدن لإظهار قدراتها كقوة ناعمة مؤثرة في المشهد الاقتصادية والثقافية المحلي والعالمي. تستخدم الدول والمدن الأحداث والمهرجانات الثقافية كمبادرة إستراتيجية لجذب الزوار وتطوير علامتهم التجارية الخاصة. هناك العديد من الاحداث الثقافية والابداعية المختلفة التي بدورها تحفز الزوار والسياح ومحبي الثقافة والابداع على زيارة المدن التي تستضيفها. فتنظيم حدث عالمي مثل الفورمولا ون او معرض إكسبو العالمي، له أثر في إحداث انطباع دائم وتعزيز العلامة التجارية للمدينة، وتحسين صورتها الى جانب تحقيق اهداف اقتصادية وسياحية. تساهم العلامة التجارية للوجهة، كعملية لتحديد أقوى أصول الوجهة واستخدامها في جميع الاتصالات التسويقية، وبشكل كبير في الترويج للوجهة، في هذه الحالة، تعتبر مدينة جدة أحد اهم المدن السياحية في المنطقة. على مر السنين، تعتبر مدينة جدة المركز الاقتصادي والثقافي وابداعي وسياحي في المملكة العربية السعودية، مدينة جذبت التجار والفنانين والمبدعين من جميع انحاء العالم.
ستستضيف جدة مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في جدة التاريخية، والتي تعد منطقة مصنفة كمركز له إرثاً عالمياً وفق اليونيسكو، حيث سيكون هذا المهرجان منصة ستساهم في دعم الابداع وخلق المستقبل السينمائي السعودية، أركز في هذا المقال على ثلاث دوافع مهمة سيساهم فيها مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، أولا دافع سياحي وتسويقي، ثانياً دافع اقتصادي وثالثاً دافع يساهم العجلة الإنتاجية والمساهمة في تطوير البنية التحتية للصناعة. تعتبر هذه الدوافع ذات قيمة في إطالة العلامة التجارية للمدينة والنمو الاقتصادي والاستدامة لسنوات قادمة. تسمح التطورات الاقتصادية والثقافية التي تتفرع من استضافة حدث ما بالتحول المستمر للمدينة من خلال تعريف الجمهور العالمي بملامح المشهد الثقافي والابداعي الواعد، الى جانب ربط أقطاب الصناعة السينمائية المحلية بالعالمية بهدف خلق شبكة تبادل الخبرات والمعارف والعلاقات التشاركية والتي لها أثرها الإيجابي على الصناعة.
ولما للمهرجانات السينمائية من دور مهم في السياحة السينمائية التي تعتبر ظاهرة متنامية في جميع أنحاء العالم، يغذيها نمو صناعة الترفيه وزيادة السفر الدولي. بحيث تساهم السياحية السينمائية التي تشجع السائح السينمائي على زيارة هذه المهرجانات لمشاهدة اهم العروض والافلام التي تكون حصرية للمهرجان الى جانب الفعاليات والانشطة والحفلات والالتقاء بالنجوم العالميين. الموقع هو عامل مهم يجذب الانتباه إلى حدث ما. هناك علاقة قوية بين المكان وتنظيم المهرجانات. تميل العديد من المدن إلى اختيار الأماكن التي لها روابط مع اتجاه المهرجان والمدينة. يمكن تنظيم مهرجانات الأفلام بشكل مختلف اعتمادًا على المنظور، ويتم اختيار مواقع محددة بناءً على الغرض والهدف من الحدث. بشكل عام فإن المدن التي استضافت المهرجانات إما أن تستخدم موقعًا تاريخيًا لإبراز الهوية الثقافية والتاريخية للمكان والمدينة. او موقعاً سياحيا يجذب السياح.
سعت المملكة العربية السعودية بالاستثمار في مدينة جدة وتحقيق الأفضلية في التجارة وبناء مكان مثالي يعكس هوية المنطقة، تعتبر جدة مدينة ساحلية على البحر الأحمر، مركزًا تجاريًا حديثًا وبوابة للحج إلى المدن الإسلامية المقدسة مكة المكرمة والمدينة المنورة. تصطف الفنادق والمنتجعات والشواطئ على الكورنيش، الذي يتزين بنافورة الملك فهد الشهيرة، تقدم خدمات لوجستية وتستثمر في بنيتها التحتية لتكون موقعًا جذابًا اقتصاديًا وثقافيًا وسياسيًا. يستضيف المهرجان جمهوره في المنطقة التاريخية التي تعتبر قلبً حيويً تجاريً للمدينة، وموقعًا مسجّلاً في التراث العالمي لليونسكو، لتشكّل مزيجًا من العراقة والأصالة التي تكتنف أزقتها وبناياتها التاريخية. حيث تساهم هذه المواقع التاريخية والمواقع السياحية في جذب الجمهور الابداعي والسينمائي العالمي للتعرف على الثقافة المحلية للمكان.
تعتبر المهرجانات عاملاً مهمًا في إحياء الحياة الثقافية المحلية، وبناء صورة بلدة أو مدينة أو منطقة، وتعزيز جاذبيتها للسياحة. مهرجان الأفلام مكانًا ومساحة يلتقي فيها صانعي الأفلام والموزعين والزائرين والتواصل معهم. يمكن أن تكون مثل هذه المهرجانات عاملاً مهماً في تنشيط الحياة الثقافية المحلية، وبناء صورة سياحية للمدينة، وبالتالي التنمية الاقتصادية. سيساهم المهرجان في جذب الجمهور السينمائي والابداعي الذي سيساهم في اشغال الفنادق والمطاعم والنقل والتنشيط التجاري وتوفير وفرص عمل للكوادر المحلية. لذلك، يستخدم مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، مثل مهرجانات الأفلام العالمية الأخرى، المواقع والمساحة للحصول على فوائد في تعزيز صناعة السينما والسوق وابراز الثقافة المحلية الى جانب العوائد المالية والاقتصادية للمكان.
بالنسبة إلى صانع الأفلام، مهرجانات الافلام هي مفتاح النجاح ومنصة للظهور والاتصال بالصناعة، فهي منصة تقدم خدمات التسويق والاتصالات التي تجعل صانع الافلام على اتصال بمنظمي المهرجانات والمنتجين والموزعين والمتخصصين في هذا المجال. يعد إختيار المهرجان المناسب لتطلعات صانع الفيلم من أهم الاهداف التي يضعها صانع الفيلم. في الواقع، ما يبحث عنه صانع الفيلم في مهرجان هو السمعة، والتغطية الصحفية، والجوائز، وفرصة إجراء الاتصالات، والتواصل مع المنتجين والموزعين. مهرجان البحر الأحمر الدولي، وبالتعاون مع هيئة الافلام ووزارة الثقافة كمؤسسات داعمة للحراك الثقافي في المملكة العربية السعودية، تعمل على دعم المواهب ودعم مشاريع صناع الافلام من خلال صناديق الدعم والندوات التعليمية وورش العمل.
في الختام، تساهم الاحداث الثقافية والإبداعية وخاصة مهرجانات الأفلام والأفلام في الترويج للعلامة التجارية للمكان من خلال زيادة الوعي بالمكان وإظهار قدرته على تنظيم الأحداث بنجاح. الى جانب، تعزيز الاقتصاد الابداعي وتطوير البنية التحتية لصناعة الافلام المحلية. يمنح مهرجان الأفلام أيضًا المدينة هوية سينمائية. في العديد من البلدان، يقترح مهرجان سينمائي ان هناك صناعة سينمائية ناشئة أو ناضجة في المدينة؛ يعمل مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي ليس فقط على تنشيط الصناعة الابداعي والاقتصاد المحلي والتعزيز العلامة التجارية للمكان، بل يساهم في وضع مكانة عالمية للسينما السعودية القادمة، بل يبني الجسور الثقافية والإبداعية ما بين الجمهور والمبدعين المحليين والعالميين.